تُعد قصة الحمامة المطوقة من الحكايات الثرية بالمواعظ والعبر، إذ تسلط الضوء على قيمة التعاون والتضحية ونكران الذات، تحمل هذه القصة رسالة قوية حول أهمية العمل الجماعي والتفكير في مصلحة الآخرين قبل المصلحة الشخصية.

قصة الحمامة المطوقة
في مدينة تدعى “سكاوندجين”، حيث تمتزج الطبيعة الخلابة بالمخاطر الكامنة، عاش غراب حكيم فوق شجرة كثيفة الأغصان، يراقب الحياة من علٍ ويتعلم من تجاربه اليومية، كانت هذه المنطقة مقصداً للصيادين بسبب وفرة الطيور التي تعج بها، مما جعلها ساحة للصراع بين الحياة والموت.
وفي أحد الأيام، بينما كان الغراب يجول في الأفق بحثاً عن الطعام، لمح صياداً قبيح الهيئة يحمل شبكة ضخمة وعصا متينة، يتقدم بخطوات ثقيلة نحو أحد البساتين، تسارعت نبضات الغراب عندما رأى الصياد ينثر حفنة من الحبوب الجذابة على الأرض وينصب شباكه بدهاء، مدركاً أن فخاً محكماً قد نُصب لضحايا غير واعين.
سقوط الحمامات في الفخ
بعد فترة وجيزة، وصلت مجموعة من الحمامات تتقدمهن حمامة بيضاء ذات طوق ذهبي على عنقها، أُطلق عليها اسم “المطوقة” لجمالها اللافت وحكمتها الفريدة، اقترب السرب من الحبوب المغرية دون أن يدرك الخطر المحدق، وفجأة وجد الجميع أنفسهم محاصرين داخل الشبكة، يحاولون الفرار بضرب أجنحتهم في يأس ولكن دون جدوى.
رغم محاولات كل حمامة تحرير نفسها بشكل فردي، لم يستطع أيٌّ منهن الفكاك من الأسر، لكن الحمامة المطوقة بعقلها الراجح، لم تستسلم للخوف وبدأت تفكر في حلٍ يمكن أن ينقذ الجميع.
اقرأ أيضًا: قصة طويلة قبل النوم
الخطة الذكية للهروب
نادَت المطوقة صديقاتها بصوت ثابت، قائلة: “علينا أن نعمل معاً، لا يمكن لكل واحدة منا أن تنجو بمفردها، لكن إن اتحدنا يمكننا الطيران بالشبكة نفسها إلى مكان آمن حيث نجد من يساعدنا على التخلص منها.”
كان القرار جريئاً، لكنه كان الأمل الوحيد، وبالفعل اجتمع السرب في تناغم، ورفعن أجنحتهن بقوة واحدة، مما جعل الشبكة تتحرك معهن في الهواء، تفاجأ الصياد بمنظرهِن يطِرن عالياً، يحملن الفخ بأسره، فحاول اللحاق بهن غاضباً، لكن سرعته لم تكن كافية لملاحقة أسراب الحمام المحلِّقة.

التحرر بمساعدة الجرذ الحكيم
كان الغراب يتابع المشهد بإعجاب، يراقب الحمام وهو يتجه نحو المدينة بحثاً عن النجاة، أدركت الحمامة المطوقة أن الهروب وحده لا يكفي، بل يجب إيجاد طريقة للتخلص من الشباك نهائياً، وهنا خطرت ببالها فكرة “في المدينة صديق وفيٌّ لي يدعى زيرك، وهو جرذ ماهر في قطع الخيوط بأسنانه الحادة، لا بد أنه سيساعدنا!”
وبمجرد أن وصل السرب إلى منزل زيرك، خرج الجرذ من جحره متعجباً من المنظر غير المعتاد، شرحت له المطوقة الموقف، وبدأ الجرذ بفك الشبكة، فباشر بتحرير المطوقة أولاً، لكنها أوقفته قائلة “ابدأ بتحرير صديقاتي قبل أن تحررني، حتى لا تفقد حماسك في منتصف العمل.”
أعجب الجرذ بنكران ذاتها، وشرع في قص الخيوط واحدة تلو الأخرى حتى تحررت جميع الحمامات، ثم أخيراً حرر المطوقة، التي ابتسمت امتناناً وقالت: “هكذا فقط، لا ينجو الفرد إلا بنجاة الجميع.”
اقرأ أيضًا: قصة سيدنا محمد كاملة
تعلمنا قصة الحمامة المطوقة درسًا بالغ الأهمية، وهو أن الاتحاد قوة، وأن التعاون الحقيقي يمكنه أن ينقذ الجميع حتى في أحلك اللحظات، كما تُبرز القصة قيمة الإيثار، حيث أظهرت المطوقة روح التضحية عندما فضَّلت إنقاذ صديقاتها قبل أن تُحرر نفسها، مما عزز من قوة الترابط بينهن، في النهاية تظل هذه الحكاية رمزًا خالدًا لقيمة العمل الجماعي والتكاتف في مواجهة المصاعب.