تعتبر المدرسة السلوكية ثورة حقيقية في علم النفس، حيث ركزت على دراسة السلوك الظاهري القابل للقياس والملاحظة، فقد أحدثت هذه المدرسة تحول جذري في فهم الشخصية الإنسانية، متجاوزة التفسيرات الغامضة للعمليات الذهنية لتقدم نموذج علمي دقيق يربط بين المثير والاستجابة في سياق بيئي واجتماعي وتربوي متكامل.

المدرسة السلوكية
- ظهرت المدرسة السلوكية في مطلع القرن العشرين كاستجابة قوية للمناهج التقليدية التي كانت تعتمد على الاستبطان وتحليل المشاعر الداخلية غير الملموسة.
- تؤكد هذه المدرسة أن السلوك الإنساني ليس مجرد نتاج لنزعات فطرية، بل هو مجموعة من الاستجابات المكتسبة التي يتشكل أغلبها عبر التفاعل المستمر مع البيئة المحيطة.
- تتبنى السلوكية منهج تجريبي صارم، حيث تعتبر أن السلوك الظاهر هو الوحدة الأساسية للدراسة مما يمنح علم النفس طابع موضوعي شبيه بالعلوم الطبيعية والفيزيائية.
- ترى هذه المدرسة أن التعلم هو العملية المركزية التي تفسر نشأة العادات وتغيرها، وبناءًا على ذلك يمكن تعديل أي سلوك غير مرغوب فيه عبر إعادة صياغة الظروف البيئية.
مبادئ المدرسة السلوكية
- المثير والاستجابة: يقوم هذا المبدأ على أن كل فعل أو سلوك هو نتيجة لمؤثر خارجي معين وبضبط المثيرات يمكننا التحكم في نوعية الاستجابات الصادرة عن الفرد.
- التعزيز والعقاب: تعتبر السلوكية أن النتائج التي تتبع السلوك تحدد احتمالية تكراره، فالتعزيز الإيجابي يقوي السلوك بينما يعمل العقاب على إضعافه أو إطفائه نهائيًا.
- التعلم بالاشتراط: ينقسم إلى اشتراط كلاسيكي يعتمد على ربط المثيرات واشتراط إجرائي يركز على العلاقة بين السلوك ونتائجه المباشرة في البيئة الواقعية.
- الموضوعية والقياس: ترفض المدرسة السلوكية الاعتماد على التخمينات وتصر على ضرورة قياس السلوك قياس كمي دقيق لضمان دقة النتائج وصحة التعميمات العلمية.
رواد المدرسة السلوكية
- جون واطسون: يعد المؤسس الفعلي لهذه المدرسة وهو صاحب المقولة الشهيرة عن القدرة على تشكيل أي طفل ليكون طبيب أو لص عبر التحكم في بيئته ونشأته.
- إيفان بافلوف: عالم الفسيولوجيا الروسي الذي وضع حجر الأساس للاشتراط الكلاسيكي من خلال تجاربه الشهيرة على الكلاب، موضحًا كيف يمكن ربط مثير طبيعي بمثير شرطي.
- إدوارد ثورندايك: صاحب نظرية المحاولة والخطأ وقانون الأثر، حيث أثبت أن السلوك الذي يتبعه شعورًا بالرضا يميل الفرد إلى تكراره وثباته في شخصيته لاحقًا.
- بي إف سكينر: من أبرز الرواد الذين طوروا مفهوم الاشتراط الإجرائي، وصمم صندوق سكينر الشهير لدراسة تأثير المعززات على السلوك المعقد وتشكيله بطريقة منهجية.
تمثل المدرسة السلوكية ركيزة أساسية في العلوم النفسية والتربوية، حيث وفرت أدوات عملية لتعديل السلوك وتطوير نظم التعليم، مما جعلها إرث علمي خالد يساهم بفاعلية في تحسين جودة الحياة الإنسانية بوضوح واستدامة وتألق.