القراءة ليست مجرد تمرير للنظر فوق كلماتٍ مكتوبة، بل هي مفتاح لبناء المعرفة وتوسيع المدارك، تختلف مستويات القراءة وتنوعها بحسب النصّ والغرض من قراءته، فهناك من يكتفي بما هو ظاهر، وهناك من يغوص في الأعماق ليستنبط المعاني الخفية والبُنى المنطقية ووجهات النظر المختلفة، في هذا المقال نعرض القراءة الحرفية أولًا، ثم ننتقل إلى أنواع القراءة، وأخيرًا نلقي الضوء على مهارات القراءة التحليلية الناقدة، لنبين كيف يمكن للقارئ أن يرتقي من فهم السطوح إلى فهم أكثر عمقًا.

القراءة الحرفية

  • القراءة الحرفية هي المرحلة الأولى في فهم النصّ، وهي تتعلق بالمعنى المباشر الذي يقدّمه النص دون التوسع في تفسيراته أو استدلالاته أو ما وراء ما كُتب.
  • يعتمد فيها القارئ على الواقع الظاهر؛ أي على الشخصيات، الأحداث، المعلومات المُعلنة صراحة والنص الصريح.
  • أمثلة على ذلك: قراءة الإرشادات، أو الجدول الزمني، أو قراءة الأجزاء التي لا تختلط فيها الرموز، فكل ما هو محسوس ومكتوب.

اقرأ أيضًا: مهارات القراءة التحليلية الناقدة

أنواع القراءة المتعددة

للقراءة أشكال متنوعة تُلبّي أغراضًا مختلفة، ومنها:

  • القراءة التصفحية: وهي القفز على أجزاء من النص للبحث عن فكرة عامة، أو لتحديد ما إذا كان الموضوع يستحق القراءة الكاملة أم لا.
  • القراءة التحليلية: وهي قراءة أعمق، يركّز فيها القارئ على البنية الداخلية للنص، المنطق المتبّع، وترابط الأفكار.
  • القراءة الجهرية: يُقرأ فيها النص بصوتٍ مسموع؛ تساعد في النطق، الفهم، والتركيز.
  • القراءة الناقدة: تتطلّب تقييم المعلومات الموجودة، والتمييز بين الحقائق والآراء، ونقد النصّ من حيث القوة والضعف، والاستدلال، وحتى المقارنة مع مصادر أخرى.

مهارات القراءة التحليلية الناقدة

عندما ينتقل القارئ من مجرد استيعاب ما هو مكتوب إلى تحليل النصّ وتقييمه، تظهر مهارات عدة:

  • القارئ يتعلّم أن يُدرك ما وراء الكلمات؛ ما لم يُذكر صراحة لكن يُفهم من خلال السياق أو تركيب الأفكار.
  • هناك فرق كبير بين ما يمكن التحقق منه وما هو رأي الشخص أو الجهة التي تُقدّمه.
  • قد يُقارن القارئ بين آراء مختلفة داخل النص نفسه، أو بينه وبين نصوص أو مراجع خارجية، ليحدد ما مدى انسجام المحتوى أو تضادّه.
  • ليس الأمر أن تُقرَأ الأفكار فقط، بل أن تُقيّم كيف تمّت صياغتها، وهل الأسلوب مناسب؟ هل الحجج مقنعة؟ هل البناء المنطقي قوي؟
  • القراءة الناقدة تُنمّي قدرة الفرد على أن يكون مُفكرًا لا تابعًا، أن يكون صاحب رأي مبني على تحليل وفهم.

اقرأ أيضًا: أهمية القراءة التحليلية

في المحصلة، القراءة الحرفية هي الخطوة الأساسية التي يُعتمد عليها لبناء أي فهم آخر، لكن لا بدّ أن تكون نقطة انطلاق، ليس محطة نهايتها، من خلال التعرف على أنواع القراءة المختلفة، وتنمية مهارات التحليل والنقد، يستطيع القارئ أن يتجاوز السطوح إلى عمق الفهم، وأن يصبح قارئًا واعٍ قادرًا على أن يُقيّم النصوص، يستخلص منها الفوائد، وينتقدها حين تستحق النقد.