لطالما كان شعر الشافعي مرآةً لحكمته ونظرته العميقة للحياة، ففي شعر الشافعي عن الدنيا وشعر عن الدنيا والناس نجد وصفًا بليغًا لتقلّبات الزمن وتقلبات البشر، كما يفيض شعر الشافعي عن العقل بحكمة العقلاء، ولا يخلو من وقفات الرضا كما في شعر الشافعي عن الرضا، حيث تتجلى القناعة سلوكًا وفكرًا.

شعر الشافعي عن الدنيا والحياة وعزة النفس.. أبيات شعر الشافعي عن الرضا

شعر الشافعي عن الدنيا

بَلَوتُ بَني الدُنيا فَلَم أَرى فيهُمُ

سِوى مَن غَدا وَالبُخلُ مِلءَ إِهابِهِ

فَجَرَّدتُ مِن غَمدِ القَناعَةِ صارِماً

قَطَعتُ رَجائي مِنهُمُ بِذُبابِهِ

فَلا ذا يَراني واقِفاً في طَريقِهِ

وَلا ذا يَراني قاعِداً عِندَ بابِهِ

غَنيٌّ بِلا مالٍ عَنِ الناسِ كُلِّهِم

وَلَيسَ الغِنى إِلّا عَنِ الشَيءِ لا بِهِ

إِذا ما ظالِمُ استَحسَنَ الظُلمَ مَذهَباً

وَلَجَّ عُتُوّاً في قَبيحِ اِكتِسابِهِ

فَكِلهُ إِلى صَرفِ اللَيالي فَإِنَّها

سَتُبدي لَهُ ما لَم يَكُن في حِسابِهِ

فَكَم قَد رَأَينا ظالِماً مُتَمَرِّداً

يَرى النَجمَ تيهاً تَحتَ ظِلِّ رِكابِهِ

فَعَمَّا قَليلٍ وَهُوَ في غَفَلاتِهِ

أَناخَت صُروفُ الحادِثاتِ بِبابِهِ

فَأَصبَحَ لا مالٌ لَهُ وَلا جاهٌ يُرتَجى

وَلا حَسَناتٌ تَلتَقي في كِتابِهِ

وَجوزِيَ بِالأَمرِ الَّذي كانَ فاعِلاً

وَصَبَّ عَلَيهِ اللَهُ سَوطَ عَذابِهِ

اقرأ أيضًا: أجمل آبيات شعر عن البحر

شعر عن الدنيا والناس

ما في المَقامِ لِذي عَقلٍ وَذي أَدَبِ

مِن راحَةٍ فَدَعِ الأَوطانَ وَاِغتَرِبِ

سافِر تَجِد عِوَضاً عَمَّن تُفارِقُهُ

وَاِنصَب فَإِنَّ لَذيذَ العَيشِ في النَصَبِ

إِنّي رَأَيتُ وُقوفَ الماءِ يُفسِدُهُ

إِن ساحَ طابَ وَإِن لَم يَجرِ لَم يَطِبِ

وَالأُسدُ لَولا فِراقُ الأَرضِ ما اِفتَرَسَت

وَالسَهمُ لَولا فِراقُ القَوسِ لَم يُصِبِ

وَالشَمسُ لَو وَقَفَت في الفُلكِ دائِمَةً

لَمَلَّها الناسُ مِن عُجمٍ وَمِن عَرَبِ

وَالتِبرُ كَالتُربِ مُلقىً في أَماكِنِهِ

وَالعودُ في أَرضِهِ نَوعٌ مِنَ الحَطَبِ

فَإِن تَغَرَّبَ هَذا عَزَّ مَطلَبُهُ

وَإِن تَغَرَّبَ ذاكَ عَزَّ كَالذَهَبِ

اقرأ أيضًا: شعر عن الورد نزار قباني

شعر الشافعي عن العقل

إِذا رُمتَ أَن تَحيا سَليماً مِنَ الرَدى

وَدينُكَ مَوفورٌ وَعِرضُكَ صَيِّنُ

فَلا يَنطِقَن مِنكَ اللِسانُ بِسَوأَةٍ

فَكُلُّكَ سَوءاتٌ وَلِلناسِ أَلسُنُ

وَعَيناكَ إِن أَبدَت إِلَيكَ مَعائِباً

فَدَعها وَقُل يا عَينُ لِلناسِ أَعيُنُ

وَعاشِر بِمَعروفٍ وَسامِح مَنِ اِعتَدى

وَدافِع وَلَكِن بِالَّتي هِيَ أَحسَنُ

شعر الشافعي عن الرضا

كُن ساكِناً في ذا الزَمانِ بِسَيرِهِ

وَعَنِ الوَرى كُن راهِباً في دَيرِهِ

وَاِغسِل يَدَيكَ مِنَ الزَمانِ وَأَهلِهِ

وَاِحذَر مَوَدَّتَهُم تَنَل مِن خَيرِهِ

إِنّي اِطَّلَعتُ فَلَم أَجِد لي صاحِباً

أَصحَبُهُ في الدَهرِ وَلا في غَيرِهِ

فَتَرَكتُ أَسفَلَهُم لَكَثرَةِ شَرِّهِ

وَتَرَكتُ أَعلاهُم لِقِلَّةِ خَي

بين أبيات شعر الشافعي عن الدنيا وشعر عن الدنيا والناس، نستشف عبرًا لا تزول، تُعززها روائع شعر الشافعي عن العقل التي ترفع من قيمة الفكر، ويُتوّجها شعر الشافعي عن الرضا بالدعوة إلى القناعة والسكينة في وجه تقلبات الحياة.