تسعى التربية الحديثة إلى تجاوز النماذج التقليدية في التعليم التي تعتمد على الإلقاء والتلقين، وتطمح إلى بناء بيئة تعلمية نشطة ومحفزة للطلبة، من بين الاستراتيجيات التي ظهرت بقوة في هذا السياق، تبرز استراتيجية فكر زاوج شارك (Think-Pair-Share) كإحدى الأدوات التعليمية التي تعزز من تفاعل الطلاب وتكسر حاجز الصمت والخجل داخل الصفوف الدراسية، تعتمد هذه الاستراتيجية على مبدأ بسيط وعميق في آن واحد التفكير الفردي، التفاعل الثنائي، والمشاركة الجماعية.

فكر زاوج شارك
- فكر (Think): يُطلب من الطلاب التفكير بشكل فردي في سؤال أو قضية تطرحها المعلمة أو المعلم، ويمنحون وقتًا كافيًا لتنظيم أفكارهم.
- زاوج (Pair): يُطلب من كل طالب أن يتعاون مع زميله لمناقشة أفكارهما بشكل ثنائي، مما يتيح لهما تبادل الآراء وتحسين وجهات نظرهما.
- شارك (Share): تشارك الأزواج أفكارهم مع باقي زملائهم في الصف، سواء بشكل مباشر أمام الجميع أو ضمن مجموعات صغيرة.
- دور المعلم: يتولى المعلم تيسير العملية دون تدخل مباشر في صياغة الأفكار، مما يمنح الطالب حرية التعبير والنقاش.
- الهدف النهائي: تحويل الصف من بيئة استهلاكية للمعرفة إلى بيئة إنتاجية تفاعلية، تعزز التفكير الناقد والتعبير الذاتي.
مثال على استراتيجية فكر زواج شارك
- فكر: يُطلب من كل طالب كتابة رؤوس أقلام حول إيجابيات أو سلبيات وسائل التواصل.
- زاوج: يناقش كل طالب أفكاره مع زميله، ويقومان بتوسيع الرؤية من خلال الحوار المتبادل.
- شارك: تعرض كل مجموعة ثنائية أفكارها أمام الصف، مما يفتح الباب لتبادل واسع للأفكار والنقاش.
- النتيجة: تتنوع الرؤى بين التقنية، النفسية، والاجتماعية، وتُصاغ خريطة ذهنية جماعية حول الموضوع.
- التقييم: يقوم المعلم بقياس جودة التفاعل والعمق الفكري لكل مجموعة، بدلًا من تقييم المحتوى المكتوب فقط.
عيوب استراتيجية فكر زواج شارك
- قد تأخذ النقاشات الثنائية وقتًا أطول من المحدد، مما يعيق سير الحصة.
- يمكن أن يسيطر الطلاب الأقوياء على الحوار، ما يقلل من مشاركة زملائهم.
- بعض الطلاب قد لا يتفاعلون نتيجة الخجل أو ضعف الثقة بالنفس.
- قد يخلق تفاوت المستوى بين الشريكين فجوة معرفية تؤثر على جودة المناقشة.
- يعتاد بعض الطلاب على الاتكالية في التفكير نتيجة تعاونهم الدائم مع آخرين.
مميزات استراتيجية فكر زاوج شارك
- تساعد الطلاب على تطوير رؤيتهم وتحليل الأفكار بشكل أعمق.
- تشجع التواصل والتعاون بين الزملاء داخل بيئة الصف.
- تتيح للطلاب الخجولين المشاركة في بيئة آمنة ومصغرة.
- تحوّل الطالب من متلقٍ سلبي إلى عنصر فاعل في عملية التعليم.
- تضيف تنوعًا إلى الحصص، مما يمنع الملل ويزيد من التركيز والانتباه.
إن اعتماد استراتيجية فكر زاوج شارك يمثل انتقالًا نوعيًا من التعليم التقليدي إلى التعلم القائم على الحوار والتفاعل.